سَألتْني ذات يَوم كُنا نَتبادَلُ فيهِ الصَّمت :
* لماذا أَصبحتِ قليلة الحرف .؟!!
- لِأَنَّ الحروفَ انتَهَت ..!
* سأُعطيكِ لَديَّ الكثير في الخَزانة
- لكنَّ رُفوفي مُهتَرِئة ، ولَنْ تَحتَمِلَ أنْ تَحفظَ تِلكَ الحُروف !
* سَتحتمل . ولا تَزالُ كذالك فهي مُنذُ زَمنٍ وهي عالِقةٌ في تِلك الخزانه!
أغمِضي عَيْنَيكِ وتَخيَلي أنَّكِ تَرفعينَ بِيدَكِ كـَ جَناحِ الطائرِ ، والرِّيحِ تَعبثُ بِشعركِ فَقط لِدَقائق ، وأنَّ بَعضاً مِنْ القطراتِ تَطرقُ النافِذة ، لا تَلتَفِتي . تَجاهلي الصَّوت !
- أَعَلينا دَائِماً أنْ نُغمِضَ أعيُنِنا لِنَرى ما نُريد ؟! أعَلينا دائماً أن يَكون طَريقُنا الظّلام ..؟! لكنْ أياً كان ، فأنا في حاجةٍ لِلتَحليقِ ، تَماماً كَحاجتي لِفَقدِ النّور !
* لا . لَيسَ الظّلام ، لماذا تَفكِيرُكِ يَختَصِرُ الأحلامَ دائماً !
أشعِلي القِنديل . لِكُلِّ شَيءْ حَل .
- قِنديلي دائماً فارغ ، لا يُشعِلُ إلّا الظّلام ..!
* إذنْ ، الأحلامُ تَكفي . تَجاهلي الظّلام ،وتَنفَسي الحُلُمَ ولو قَليلا ً .
- صَدقيني ، أحلامي لَنْ تَكتَمِلَ إلّا بِذلكَ الظلام ، وَحدهُ يُريها حَقيقتها ، مَهما كانَ مُوحشٌ سَيبقى أفضلَ
مِنْ نورٍ لَنْ نَرى خِلالَهُ شَيئا ..!
* ومَنْ قالَ لكِ أنْ تَري الأحلام على حقيقتها ؟!
أَلبِسيها القِناعَ حتى تُصبِحَ حُلماً مَلائِكي ، ولَيسَ شيطآئِكي!!
- لَمْ تَكُنْ المَلائكة يوماً بِأقنِعَة !
* فِعلاً . لكنَّ الواقع سَيُجبِرُها يَوماً .
- رُبَّما ، لكنَها سَتبقى مَلائِكية .
* وهذا هو الجُزءُ الأجمل .
- إذن ، فَالنَبقى على أَملٍ أنْ يُنيرَ هذا الجُزءُ قِندِيلَينا يَوماً ما ..
* لم أقل لكِ ، أصبَحتُ أكتبُ بـِ حِبرٍ مِنَ الأمل ، كَـ لَونِ المَاء .
لا رّماد ، ولا سواد ، فقط كَـ الماء !
- تَختارينَ النّقاءَ دائماً ، فقد كَفاكِ تَشَبُعاً بِالأسود ، وكَفاكِ امتِلَاءاً بِالرَّمادية .
أُكتُبي بِنقاءِ الغُيوم ، لِتَرتَسِمَ لَكِ أحلامكِ بِلَونِ المَطر ..
* ولِماذا بَدأتُ أسمعُ صوتَ المطر كَثيراً ، حتى تَعتادَ أحلامي على لَونِهِ وصَوتِهِ !
- بَل أمتَلَئت حُنجَرَتُكِ ضَباباً ، وبَاتَت كَأنَّها سَتُمطِرُ رَعداً . لذلك اختَرتي المطرَ لِتًهَوِني مِنْ تِلكَ العاصفه ، فَصوتِ الرَّعد مُؤلِماً كَصوتِ الغِياب ..
* لا تَقرأي صَوتي !
إترُكيني أهذي حتى وإنْ كانَ كَذِبَاً .
- طالَما أنَّكِ تَهذين ، تَأكدي فهو أصدقَ ما سَتقولين
* رُبَّما، مَنْ يَدري !
- نَدورُ ونَدور ، وكَأنَّنا في حَلقةٍ مُغلقةٍ مِحوَرها دائِماً مُحتَمَلاً أو رُبَّما .
*ماذا لو كُنَّا مُجردَ إحتمال في الحياة ! لِنُكمِلَ الكَذبة في التَّنفُس !
- لَم تَعُد كَذبة و إلا لَما اختَنَقنا مِن تِلكَ الأنفاس . الأسوءَ بِأنَّها حقيقةً مُجردةً ، لكن أياً كان ومهما يَكن يوماً ما سَنُجهِضُ تِلكَ الأنفاس ، فألَمُ مَخاضها أجمل مِن ألَمِ تَنَفُسها . ولكن فاليَكُن إجهاضها بِالمَزيدِ مِنَ الأحلامِ
أو رُبَّما التحليق ، أو ربما عِناق أنفُسنا . لا بُدَّ وأنَّها بِحاجتنا
*فِعلاً . هل تعلمي دائماً ما أقولُ في نَفسي رُبما أُجهِضُ حُلُماً عَقيم ، وأترُك مَجالاً لِلأحلامِ الأُخرى حتى تُصبِحَ واقِعاً !
- العُقمُ في أنْ تُصبحَ واقعاً !
* ألمُ المخاض مُؤلِماً كثيراً ،لكن مِن بَعدهِ يُخرجُ طِفلا ً جَميلاً .
- إذن فالنَتألمَ أكثر ، ولنَنتَظِرَ ذلكَ الطِفل ، فقد بِتُّ أشتاقهُ كَشوقي لِدفئِ ذلك المَطر
*حتى أنا . كُنتُ أقولُ لِأُمي متى الشتاء ؟ أشعرُ وأنَّهُ سَيطرقُ الباب !
لم أكُن أعلم أنَّهُ مازالَ بَعيداً .
- البُعدُ في أنَّهُ بِداخلنا ، لكنه مَهما تأخر سَيطرقُ بابَنا حَتماً ، رُبما اعتادَ أيضاً هذياننا .
*المؤلمُ أنْ أنتظرَ ويَتأخر . لحظة ! لِيَتأخر ليس هُنا الألم ،الألم أنْ أنتظرَ وبعد أن أرحل يأتي !
- ومتى كُنَّا هنا لكي نَرحل ..؟!
* أنا كُنت ، وأنتظرتُ كثيراً ، ومازلت .
- وسَتَبقي ، فهكذا هو الهَذيان ، ذهابٌ وبقاءٌ واستمرار . ولكن أينَ ومتى وكيف هُنا يَبقى السّر
* لنَتركهُ مُفاجأهً مِنَ القدر !
- ودائِما ما يَبقى القدرُ غريباً ، ولكن فالنَنتظر فأياً كانَ ، ماذا نَفعلُ غَيرَ الانتظار دائماً ؟
حتى الهروبُ مُحرماً .!
* لماذا ، ما الحِكمةُ هُنا ..؟! سؤال أسألهُ لِنَفسي قبل النَّوم ، لماذا البُكاء مَمنوعٌ في لَحظةِ السعادة ..؟!
- لأنَّه سَئِمَ مِن لَحظاتِ الألم . أليسَ مِن حَقِّهِ أن يَهدأً قَليلاً في لَحظاتِ السعادة الشَحيحة ..؟!
* ولماذا نَتركُ البُكاءَ عنواناً لِلحُزن ..؟! لماذا لا نَتركهُ عنواناً لِلسعادةِ ..؟!
حتى إن أصبحنا نَبكي نَتوهَمُ بِأنَّها سعادة .
- لم يَكُن البُكاء يَوماً عنواناً لِأيِّ مِنهُما ، ولَن يَكنْ بِأيدينا يوماً أن نَختارَ ذلك العنوان . فالبُكاء عنواناً فَقط لِتَساوي الحزن بالسعادة ، أو البدايات بالنهايات ..!!!
* وماهو عنوانُ الحزن يا حنين حتى أبَتعدَ عنهُ وأهرُبَ مِن سُؤالِ الآخرين لي ..؟!
- وحدُكِ مَن يَعلمُ الإجابة ، وحدُكِ مَن يُحدِد العنوان . هو حزنُكِ أنتِ ، وحدُكِ أنتِ . لكن لِتُفكري كثيراً قبل الإختيار ، فقد يَكون عنواناً عقيماً أيضاً ولا يُنجِبُ السعادةَ ، عندها لَن تَستطيعي يَوماً الفِرارَ من اؤلائِكَ الآخرين ..!
* تبا ً لي !
- بل لهم ..!
* كُنتُ أكتبُ كَثيرا ً عنهم ، ولهم ! قَرَّرتُ الكِتابةَ عَن نَفسي و أخيراً :
1- أكرَهُ نَفسي كثيراً !
2 - أعشَقُ المُستقبل فهو النِّهاية !
3 - أكرهُ الماضي فهو البداية !
4 - أعلمُ ماهي نِهايتي ولا أعلمُ كَيفَ كانت بٍدايَتي !
5- أهذي كثيراً عن الألم !
6 - تُسافِرُ رُوحي كُلَّ يَومٍ إلى قَبرهِ وتَعود ، ولكنْ أشعرُ أنَّها قَريباً سَتكذِبُ ولن تَعود !
7 - أترنَحُ عندما أمشي كثيراً ، و أسقطُ في اليومِ 3 مراتٍ أقلَ من هذا مُعجزة !
8 - أحمِلُ مَرضاً جَميلاً عِشتُ مَعهُ أكثرَ من 4 شهور ولكنَّني سَئِمتُ مِنهُ وهو يَزيدُ التَعلقَ بِرأسي !
9 - أنا الإبنَةُ البَاردة والأخيرة ، فَهذا يَعني هُنا أنِّي أخيرة في كُلِّ شيءٍ حتى عِندَ التَنفس !
10 - قَهراً ولِلبَقيةِ إرتطام !
- صدقِيني حانَ الوقتُ لِتَبدئي بِنفسكِ ، تَجاهلي كُل تِلكَ النِّقاط ، فهي مُجردُ نِقاط كما كُنَّا نَحن .
الأهمُ أن تَبدئي مِنَ الحُزنِ ، مِنَ السعادةِ لَيس مُهماً ، المُهم أن نَستطيعَ يوماً ما أن نَعيشَ تِلك الحالة [ البداية ] ، فقد سَئِمنا الاقتِرانَ بِالنهايات .
* كما قُلتِ لا أعلمُ ما هي !
- ليس مُهماً أن نَعلم ، فَلطالما كنا لا نَعلم ، في أغلبِ الأوقات الظلامُ أجملَ من النُّور ، والكذبة أبلغَ من الحقيقه
إذن ، فالنَرمي تِلكَ النقاط في ذلكَ القنديلِ الأسود ، حتماً يوماً ما سَيشتَعل ، وعندها سَتشتَعلُ مَعهُ ، حينها فقط نستطيع البَدء ..!
* لكنَّنا سَنشتعِلُ ! مهلاً . مُنذُ متى ونَحنُ لا نَشتعل ..؟!
- ذلك ما كان يَدورُ في ذهني ، لماذا لا نُجرب ، سَنتَتظرُ القَدر وحُكمهُ دونَ اكتِراث ، فدائِماً نَنتظر
لنَشتعل عند مُحاولتنا البداية ، لطالما اشتعلنا بالنهاية ، مُجردُ استمرار بِالاشتعالِ أو حتى الإنتظار . لكن تَختلفُ الغاية ، أن نَشتعلَ لِلأمامِ أفضلَ من أن نَشتعل لِلخلف ..!
* فعلاً .
- اذاً ، فالنَبقى نَرسِمُ تِلكَ الأحلامَ أياً كانت النِهاية
* نِهايَتي وأَعلمُ ماهيَّ ، لِذا سأرسُمُ البِدايةَ فقط .
- لا تَثِقي بِمَعرفَتُكِ فَقَدْ أخبَرتُكِ بِأنَّ القَدرَ غَريب ، سَيبقى دائِماً يُفاجِئُنا فَبِجُعبَتِهِ نَبضٌ لا يَتوقف مِنَ المُفآجئاتِ . فالتَتَجاهلي النِّهاية لِلقَدر ، ولتُرَكِزي على رَسمِ البداية ، فهي الشيء الوحيد الذي سَتَستطيعين رَسمهُ أياً كانت الألوان ..!
* رُبَّما مَن يَدري !
- عُدنا لِنُغلِقَ الدائرةَ بِمحوَرِها ، رُبَّما ..!
* هي مَن تَفتحُ وتُغلِقُ جَميع الأسئلة !
- بَلْ هي مَن يَقتُلُ حُروفَنا أو يُحيها ، مَن يُشعلنا أو يُطفِئُنا ، من يَقبِلُنا أو يَصفَعُنا ، الدفءُ أو البرد ، هي تناقضاتُ ذلك القدر . أذن فالنتتظر ..!!
كَمْ أحتاجُ الآن لِ حديثٍ كَهذا يَجعمني بِكِ يا بَنفسجيةَ الظِّل ..